استعادة حياتك بعد الألم
كيف تتعامل مع الخسارة والحزن بالدعم النفسي
خسارة، فقدان، حادث، مرض، فشل… كلها أمور تؤدي إلى الحزن والاكتئاب والشعور بالألم والتعب النفس. إنه مزيج من المشاعر المؤلمة والمضطربة، ولكن هل يمكن تجاوز هذه المشاعر والعودة إلى الحياة الطبيعية؟ لنتابع معاً…
هناك العديد من الأسباب التي تجعلك تعيش في حالة من الحزن والاكتئاب، كخسارة شخص مقرب عزيز عليك، أو خسارة أموالك في أحد المشاريع، أو فشلك في الدراسة أو العمل، أو فشل علاقة عاطفية، أو التعرض لحادث، أو الإصابة بمرض، أو قد تشعر بالتعب النفسي لأنك ألحقت الأذى بأشخاص آخرين.
وربما سبب من هذه الأسباب قد يكون كافياً لتعيش حالة من الاكتئاب الشديد الذي يعتبر جزءً من تجربة الحزن والألم التي مررت بها. فالاكتئاب هو استمرار الشعور بالحزن مصحوباً بالشعور بالذنب واليأس والقلق وتدني الذات، كما إنه يؤثر على التفكير والسلوك بشكل سلبي، كانعدام الرغبة بالقيام بالأنشطة أو اتخاذ القرارات والميل للانعزال وإهمال الواجبات، كما يصاحب الاكتئاب أعراض جسدية مثل فقدان الشهية أو زيادتها عند البعض، وقلة النوم والشعور بالكسل والصداع وآلام العضلات وغيرها.
ولكن هل ستستسلم لهذه المشاعر السلبية؟ بالطبع لا… فأنت ستتغلب على هذه المشاعر الحزينة، ولكن هذا بشرط التعامل مع الحزن والاكتئاب باهتمام خاص.
التحدث للآخرين والدعم النفسي
من الأشياء التي تساعد على تخفيف الحزن والألم، هو التحدث للآخرين كالتحدث إلى شخص مقرب من أحد أفراد العائلة أو إلى صديق تثق به، وخصوصاً إذا كان هذا الشخص حكيم وله تجارب في الحياة، وحاول أن تصف مشاعرك لكي يفهمك ويساعدك ويخفف عنك الحزن والألم. ولكن لا تدع أحد يقلل من مشاعر الحزن لديك، فيجب أن تأخذ وقت كافي للشعور بالحزن ومن ثم تستطيع التخلص منه وتهدأ. وبالمقابل فقد يكون صديقك أو أحد أفراد عائلتك يمر بحزن وضيق واكتئاب شديد فلا تبخل عليه بتقديم المساعدة والدعم النفسي، وذلك بأن تشعره بأنك تهتم لأمره بالقول والفعل، وتسأله عن سبب حزنه وأن تستمع جيداً لحديثه ولا تقاطعه، وتقديم النصيحة وإعطاء الوقت الكافي للتعبير عن مشاعره وعدم لومه.
نصائح للتغلب على الحزن
للخروج من حالة الحزن إليك بعض النصائح؛ لا تتردد بالبكاء لأنه يريح النفس ويخفف الحزن، فكر بالذكريات السعيدة والإيجابية، الخروج في نزهة، الرقص والاستماع إلى الموسيقى، ممارسة التمارين الرياضية كالمشي، والركض والسباحة واليوغا إذ أن الرياضة تساعد في تحسين المزاج والهدوء وصفاء الذهن، حيث يحفز النشاط الجسدي على إفراز الإندروفين الذي يسبب الشعور بالسعادة، وتساعد الرياضة على زيادة الثقة بالنفس، كما تساعدك على الاسترخاء والتحسين من نومك، والتخفيف من القلق والتوتر.
كما أن ممارسة التأمل الذاتي يساعد على التخفيف من الحزن وإزالة الألم حيث يمكنك القيام بالتأمل الذاتي في أي مكان؛ في الباص وفي الشارع، ووقت الانتظار في عيادة طبيب.
وإذا كانت معاناتك من الاكتئاب شديدة فيجب عدم التردد في طلب الاستشارة من المختص أو المستشار النفسي. فالاستشارة النفسية تساعدك على فهم نفسك بشكل أفضل للتغلب على المشاكل النفسية التي تعاني منها.
الاستشارة النفسية والدعم النفسي
الاستشارة النفسية هي طلب المساعدة من مختص في العلاج النفسي مما يمكنك من حل مشاكلك والتخلص من أحزانك، حيث يتم التعبير عن مشاكلك وافكارك للمعالج النفسي الذي يقوم بدوره بالاستماع لك، وتفهم مشاعرك، ويحاول أن يخلصك من الأفكار السلبية ويستبدلها بالأفكار الإيجابية. فالهدف هو تغيير أفكارك للتخلص من الألم والحزن والكآبة.
كما يساعدك المرشد النفسي أو المعالج النفسي في تقدير ذاتك، والتعرف على إمكانياتك، من خلال تحديد نقاط القوة والضعف، ويزيد من ثقتك بنفسك، والسعي نحو تحقيق الهدف وزيادة الأمل والتفاؤل. كما أن المرشد أو المعالج النفسي يساعدك في السيطرة على عواطفك والتحكم بالأفكار المشوشة، كما يساعدك في تحسين وتطوير العديد من المهارات كمهارة التحليل واتخاذ القرار والتواصل ومهارة حل المشكلات.
متى تلجأ إلى الاستشارة النفسية؟
عندما تعاني من صعوبة التحكم بعواطفك بسبب زيادة مدة الحزن وعدد المرات التي تشعر فيها بالحزن والكآبة، فهناك مواقف طبيعي أن تشعر فيها بالحزن، كوفاة شخص غالي أو الفشل في الدراسة، ولكن الاستمرار بالحزن لفترة طويلة يجعلك بحاجة إلى الاستشارة النفسية.
والأمر الآخر هو ممارسة أي نشاط أو سلوك غير سوي أو غير صحي للهروب من مشكلاتك؛ كالنوم لفترات طويلة أو السهر لساعات متأخرة أو فقدان الشهية وعدم تناول الطعام، فهذه أمور تتطلب استشارة نفسية.
ومن الأمور أيضاً التي تتطلب استشارة نفسية، عدم قدرتك على بناء علاقة اجتماعية جيدة، وصعوبة الحفاظ عليها وعدم الاستمتاع بالقيام بالأنشطة التي تعودت أن تجعلك سعيداً.
وبمقابل الاستشارة النفسية هناك من يقدم الدعم النفسي الذي يكون الهدف منه هو مساعدة الشخص على تجاوز مشاعر الحزن والاكتئاب وتحسين قدرته على التعامل مع الظروف الصعبة التي يمر بها.
وقد تستمر جلسات الدعم النفسي لوقت طويل وبشكل سري، ومدة الجلسة وعددها تختلف من شخص لآخر بحسب حالته النفسية ومشاعره وردة فعله على المشاكل التي يمر بها.
وللدعم النفسي أنواع متعددة؛ فقد يكون دعم عاطفي كتقديم الحب والرعاية والتعاطف، والدعم المعنوي الذي يتمثل في كلام وعبارات التهاني أو المواساة، وقد يكون دعم مادي كتقديم مبالغ مالية أو خدمات لمساعدة الشخص، أو دعم معلوماتي كالنصائح والمعلومات الضرورية للمشكلة التي يعاني منها، أو دعم سلوكي كالمشاركة في الأعمال والنشاط المختلفة أو دعم الأصدقاء فالصديق وقت الضيق.
ولكن لحظة، في حديثنا عن الدعم النفسي والتخلص من الحزن والألم بعد الخسارة يجب لفت الانتباه إلى أن الشفاء من الحزن والاكتئاب لن يتم سريعاً، ولكن الشفاء بحاجة لوقت كافي من الزمن لكي يتخلص منه الشخص، وقد يستغرق أحياناً شهور أو حتى سنين.
وإليزابيث كوبر روس أوضحت إن هناك خمس مراحل من للحزن:
- المرحلة الأولى هي مرحلة الإنكار أي صعوبة تصديق حقيقة الخسارة،
- أما المرحلة الثانية فهي الغضب وهو وسيلة لإخراج الألم والتخلص منه،
- تليها مرحلة المساومة وهي الرغبة في مواجهة الخسارة أو التخفيف منها،
- ثم مرحلة الاكتئاب قد يشعر الشخص هنا باليأس في مواجهة الخسارة حتى يصبح الحزن أكثر وضوحاً،
- وأخيراً مرحلة القبول أي تقبل الخسارة في الحياة والابتعاد عن الحزن.
وأخيراً صحيح إنه بعد الخسارة تصبح الدنيا باللون الأسود، ويبدو وكأنه من المستحيل التخلص من الحزن والألم ولكن الحفاظ على الصحة النفسية هو العامل الأساسي للتعامل مع الحزن والتكيف مع مواقفها الصعبة لتستمر الحياة.
إذا أعجبك هذا المقال اترك لنا بالتعليقات عنوان الموضوع القادم الذي تحب أن نتكلم عنه.